تعد الهجمات السيبرانية من أبرز التحديات التي تواجهها الشركات في العصر الرقمي، حيث تتزايد تهديداتها بشكل مستمر، مؤثرة ليس فقط على أنظمة الشركات وبياناتها، بل أيضًا على الأفراد العاملين فيها. كشفت دراسة أجرتها شركة Databarracks في تقريرها السنوي 2024 حول صحة البيانات، أن أكثر من 50% من الشركات تعرضت لهجمات إلكترونية في العام الماضي، حيث تسببت هذه الحوادث في فقدان 37% من الموظفين.
الأثر السلبي للهجمات السيبرانية لا يقتصر على الأضرار التقنية أو المالية فحسب، بل يمتد ليشمل الأفراد الذين يتعرضون للخسائر الوظيفية والتأثيرات النفسية التي تترتب على هذه الحوادث. هذا يشير إلى ضرورة أن تكون استراتيجيات الأمان في الشركات شاملة، لا تقتصر على حماية البيانات فقط، بل أيضًا على حماية الموظفين وتعزيز شعورهم بالأمان في العمل.
العديد من الشركات تعاني من خسارة الموظفين كجزء من رد فعل الهجوم السيبراني، حيث يتم فصل الموظفين المسؤولين عن الاختراقات أو حتى تسريحهم بسبب الأزمات المالية الناتجة عن الهجمات. على سبيل المثال، تعرضت شركة KNP Logistics البريطانية لهجوم فدية في سبتمبر 2023، مما أدى إلى إفلاس الشركة وفقدان 730 وظيفة. كذلك، هجوم سيبراني على شركة Capita في 2023 أسفر عن فقدان 900 وظيفة، بينما اضطرت الشركة في 2024 إلى تجميد رواتب العديد من موظفيها المتبقين.
هذه الحوادث تشير إلى أن الهجمات السيبرانية تؤدي إلى خسائر بشرية فادحة، حيث يتأثر الموظفون الذين لا ذنب لهم بهذه الهجمات، ما يعرضهم لضغوط نفسية كبيرة. على الرغم من بقاء البعض في وظائفهم بعد الهجوم، إلا أنهم يواجهون مخاوف تتعلق بالاستقرار الوظيفي والتأثيرات السلبية على سمعتهم المهنية.
لذلك، أصبح من الضروري أن تعتمد الشركات على استراتيجيات شاملة للتعامل مع التهديدات السيبرانية. يتضمن ذلك تدريب الموظفين بشكل مستمر، وتنظيم محاكاة حقيقية للأزمات، كي يتمكن الموظفون من التصرف بكفاءة وثقة في حال وقوع هجوم سيبراني فعلي. يجب على جميع الأقسام داخل الشركات، مثل الموارد البشرية والإدارة والعمليات، أن تكون على دراية تامة بدورها في حماية المؤسسة من هذه التهديدات.
ومن الجوانب المهمة أيضًا في مواجهة الهجمات السيبرانية هو التواصل الداخلي الفعّال. يجب أن تضمن الشركات أن تظل موظفيها على اطلاع دائم حول تطورات الأزمة، حيث أن الشفافية من الإدارة العُليا في هذه الأوقات تؤدي إلى تعزيز الثقة بين الموظفين والشركة. الشركات التي تتبنى نهجًا صريحًا خلال الأزمات تكون أكثر قدرة على التغلب على التحديات ومواصلة العمل بكفاءة.
مع تزايد وتيرة الهجمات السيبرانية، أصبح من الضروري ألا تكون استجابة الشركات مجرد رد فعل، بل يجب أن تتضمن استراتيجيات وقائية وإجراءات استباقية تساهم في حماية الأفراد والممتلكات على حد سواء، وتعزز القدرة على التعامل مع الهجمات بفعالية.
إرسال تعليق