في الثمانينيات، كان السفر الجوي مكلفًا، مما دفع شركات الطيران للبحث عن استراتيجيات لملء مقاعدها الفارغة. من بين هذه الاستراتيجيات، تقديم خصومات على التذاكر للمسافرين الذين يقضون ليلة في عطلة نهاية الأسبوع، بهدف استبعاد رجال الأعمال الذين يسافرون في أيام العمل. ورغم هذه المحاولات، ظلت التحديات قائمة، حيث لم تكن أسعار التذاكر مناسبة للجميع، ما أدى إلى خسائر في الإيرادات بسبب نقص الركاب.
في عام 1987، قدّم الباحث بيتر بيلوبابا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "MIT" خوارزمية لتحديد أسعار تذاكر الطيران، وهي التقنية التي ما زالت تُستخدم حتى اليوم. أول تطبيق لها كان عبر نظام محوسب لشركة "ويسترن إيرلاينز"، حيث اعتمدت الخوارزمية على التنبؤات وحساب احتمالية امتلاء الرحلات، مما ساعد الشركات على تحقيق أقصى عائد ممكن من كل رحلة.
كيف تتحكم شركات الطيران في الأسعار؟
إذا كنت قد لاحظت أن أسعار التذاكر تتغير بشكل غير متوقع، فهذا يرجع إلى خوارزمية بيلوبابا، التي تستخدمها شركات الطيران لموازنة تسعير التذاكر وفقًا لعدة عوامل، مثل عدد المقاعد المتاحة، معدل الطلب، وتوقيت الحجز. وتُعرف هذه العملية بنموذج "الإيرادات الهامشية المتوقعة للمقعد" (EMSR)، الذي يقوم على مبادئ محددة:
حساب احتمالية امتلاء المقاعد: تعتمد الخوارزمية على تحليل البيانات لتحديد احتمالية حجز كل مقعد، ومن ثم تحديد سعره بناءً على التوقعات.
التسعير الديناميكي: تستخدم شركات الطيران الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الحجز والتنبؤ بمتى سيرتفع الطلب أو ينخفض، مما يسمح بضبط الأسعار لتحقيق أقصى ربح.
مراقبة المنافسين: تعتمد الشركات على تقنيات التعلم الآلي لمتابعة أسعار المنافسين وضبط أسعارها في الوقت الفعلي.
تحليل سلوك العملاء: تراقب الخوارزميات متى وأين يحجز المسافرون، وما هو السعر الذي قد يكونون مستعدين لدفعه، لتقديم عروض مخصصة لهم.
متى يكون أفضل وقت لحجز تذكرة طيران؟
يُفضل حجز التذاكر في وقت متأخر من يوم الثلاثاء أو في صباح الأربعاء، خصوصًا إذا كانت العطلة الرسمية يوم الاثنين. والسبب أن شركات الطيران تطلق عروضها منخفضة السعر يوم الاثنين، وبسبب ضعف الإقبال، تنخفض الأسعار مجددًا بعد مرور 24 ساعة. بعد ذلك، تبدأ الأسعار في الارتفاع من الأربعاء وحتى نهاية الأسبوع بسبب زيادة الطلب.
كما أن الأسعار تميل إلى الارتفاع في بداية الشهر، بعد أن يحصل الناس على رواتبهم، لذا يُفضل الحجز في النصف الثاني من الشهر. بالإضافة إلى ذلك، تزداد الأسعار تدريجيًا مع اقتراب موعد الرحلة، وتبدأ بالارتفاع قبل 21 يومًا من الإقلاع، ثم مرة أخرى قبل 14 يومًا و7 أيام، مما يجعل الحجز المبكر هو الخيار الأفضل.
كيف يمكنك الحصول على أفضل سعر؟
لزيادة فرص الحصول على تذاكر بأسعار مناسبة، يمكن اللجوء إلى بعض الاستراتيجيات:
الاتصال بشركة الطيران مباشرة: بعض موظفي خدمة العملاء يمكنهم الوصول إلى خيارات أسعار قد لا تكون متاحة عبر الإنترنت.
استخدام تطبيقات الحجز الذكية: مثل "Hopper" و"Google Flights"، التي تتيح لك مقارنة الأسعار وتحديد أنسب وقت للحجز.
طلب ترقية مجانية: في بعض الأحيان، تحتوي درجة رجال الأعمال على مقاعد فارغة، لذا يمكن طلب ترقية بلطف من طاقم الطائرة.
بفضل خوارزميات التسعير المتطورة والذكاء الاصطناعي، تمكنت شركات الطيران من زيادة إيراداتها بنسبة تتراوح بين 3% و7% سنويًا. لكن مع ذلك، يبقى التحدي الأكبر للمسافرين هو معرفة اللحظة المثالية لحجز التذكرة بأفضل سعر ممكن.
إرسال تعليق