آخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الفقر عالميًا


 في عالم يعاني فيه ملايين البشر من الفقر المدقع، يشكّل تحديد الفئات الأكثر احتياجًا تحديًا كبيرًا أمام الحكومات والمنظمات الإنسانية. فبينما يعتمد جمع البيانات التقليدي على المسوح الميدانية التي تستغرق وقتًا طويلًا وتستهلك موارد ضخمة، بدأ الذكاء الاصطناعي في تغيير قواعد اللعبة، مقدمًا حلولًا أسرع وأكثر دقة لمكافحة الفقر.

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد الفقراء؟

مع تصاعد الأزمات الاقتصادية وزيادة الفجوات الاجتماعية، باتت التكنولوجيا تلعب دورًا حاسمًا في تحسين استهداف برامج الدعم. أحد أبرز الأمثلة على ذلك حدث في توغو خلال جائحة كوفيد-19، حيث استخدمت الحكومة الذكاء الاصطناعي لتحديد المستحقين للمساعدات ضمن برنامج "Novissi". بالتعاون مع باحثين من جامعة كاليفورنيا بيركلي ومنظمة GiveDirectly، تم تحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات الهواتف المحمولة لتقدير مستوى الفقر، مما ساعد في إرسال تحويلات مالية مباشرة إلى آلاف الأسر المحتاجة.

هذه المقاربة خففت من وطأة الأزمة، إذ حصل المستفيدون على دعم مالي أسبوعي، مكّنهم من توفير الاحتياجات الأساسية، في وقت تعذر فيه إجراء المسوح التقليدية بسبب القيود الصحية.

إمكانيات غير محدودة لكن ليست خالية من العيوب

البنك الدولي يعترف بدور الذكاء الاصطناعي في سد الفجوات المعلوماتية، إذ بدأ في تطوير أدوات تعتمد على التعلم الآلي للتنبؤ بالأزمات وتحليل البيانات الضخمة لقياس تأثير المساعدات. ومع ذلك، يواجه الذكاء الاصطناعي انتقادات تتعلق بالتحيز والتمييز، حيث يمكن أن تعكس الخوارزميات التحيزات الاجتماعية أو تفشل في تحديد الفقراء الذين لا يملكون أثراً رقمياً، مثل من لا يمتلكون هواتف محمولة أو يعيشون في مناطق غير موثقة رسميًا.

في إحدى التجارب، تعاونت منظمة GiveDirectly مع جوجل لتقديم مساعدات مالية للأسر المتضررة من الفيضانات في إفريقيا، بناءً على تنبؤات الذكاء الاصطناعي. ولكن في بعض الحالات، لم تتحقق الفيضانات كما توقعت النماذج، مما أدى إلى حصول أسر على الدعم دون الحاجة إليه، بينما حُرمت أسر أخرى رغم تعرضها لكوارث حقيقية.

الذكاء الاصطناعي شريك أم بديل؟

يرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مكملًا للمسوح الميدانية، وليس بديلًا عنها. فبينما توفر الخوارزميات تحليلات سريعة وفعالة، تبقى البيانات الميدانية ضرورية للتحقق من دقة المعلومات وضمان عدالة توزيع المساعدات.

الذكاء الاصطناعي قد يكون مفتاحًا لرفع كفاءة الجهود الإنسانية، لكنه لا يزال بحاجة إلى توجيه دقيق لضمان وصول الدعم لمن يحتاجونه حقًا. وبينما يستمر العالم في تبني هذه التقنيات، يبقى السؤال الأهم: هل سنتمكن من استخدامها بالشكل الصحيح لضمان مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا؟

التعليقات

أحدث أقدم

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.