تتسابق الحكومات حول العالم لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتعزيز كفاءة العمل الحكومي، حيث أثبت الذكاء الاصطناعي الوكيل فعاليته في أتمتة المهام الروتينية وتحسين عملية صنع القرار، ما يسمح للمسؤولين بالتركيز على القضايا الاستراتيجية والتفاعل المباشر مع المواطنين.
ومع تنامي المسؤوليات الإدارية، أصبح من الضروري توظيف الذكاء الاصطناعي لتخفيف الضغط على المسؤولين وتعزيز الإنتاجية، وقد انعكس ذلك من خلال تجارب ناجحة في عدة دول، مثل الهند، حيث طور الضابط أنشومان راج نظامًا ذكيًا لاكتشاف الآبار المفتوحة، مما ساهم في حماية الأطفال من الحوادث، كما أشار ياشبال سينج تومار، مدير RailTel، إلى أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة الوثائق أدى إلى زيادة ملحوظة في الكفاءة.
على المستوى الدولي، سجلت بعض الدول إنجازات بارزة في دمج الذكاء الاصطناعي بالخدمات الحكومية، ففي الولايات المتحدة، ساعدت الأتمتة الذكية إدارة الغذاء والدواء على تقليص وقت معالجة الطلبات بنسبة كبيرة، مما وفر آلاف الساعات من العمل اليدوي، أما السويد، فقد شهدت تحسينًا في سرعة الموافقات على المزايا الاجتماعية بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، بينما اعتمدت سنغافورة حلولًا رقمية لتسهيل إجراءات إصدار التصاريح الحكومية.
وفي جاكرتا، ساهم الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الطقس ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، ما مكّن السلطات من التنبؤ بالفيضانات واتخاذ تدابير استباقية لحماية السكان، وهو نهج يمكن تعميمه لمواجهة تحديات أخرى مثل تفشي الأوبئة، وشح المياه، وارتفاع معدلات الجريمة، مما يحول دور القاضي الإداري من مستجيب للأزمات إلى مخطط استراتيجي.
لكن رغم هذه النجاحات، لا يزال استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة يواجه تحديات، حيث يؤدي اعتماد أنظمة منفصلة إلى تجزئة البيانات وازدواجية الجهود، ما يعيق تحقيق تحول رقمي متكامل، ولهذا تتجه الحكومات إلى تطوير منصات ذكاء اصطناعي موحدة تتيح تكامل البيانات وتعزز الشفافية في العمل الحكومي، ومن الأمثلة على ذلك نظام eOffice الذي طوره المركز الوطني للمعلوماتية في الهند لإدارة الملفات إلكترونيًا، والذي يمكن أن يشكل أساسًا لتطبيقات أكثر تطورًا مستقبلاً.
ورغم الفوائد الهائلة لهذه التقنية، فإن تطبيقها في الإدارة العامة يتطلب ضوابط صارمة لضمان الشفافية والعدالة، مع ضرورة بقاء المسؤولين البشريين في قلب عملية صنع القرار لضمان دقة القرارات وعدم تحيزها.
إرسال تعليق