في موقف غير مسبوق، وقّع ما يقارب ألفي عالم ومهندس بارز من أعضاء الأكاديميات الوطنية الأمريكية رسالة تحذيرية يعلنون فيها عن مخاوفهم الجدية من السياسات العلمية الجديدة لإدارة ترامب. جاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من القرارات المثيرة للجدل التي هزت أركان المجتمع العلمي الأمريكي.
يشير البيان الذي حمل توقيع نخبة من العلماء الحاصلين على جوائز نوبل وقادة البحث العلمي إلى أن الولايات المتحدة تواجه "خطراً حقيقياً وفورياً" على مكانتها كرائدة عالمية في مجال الابتكار. ويؤكد الموقعون أن السياسات الحالية تقوض أسس النظام العلمي الذي استغرق بناؤه عقوداً من الزمن.
من أبرز النقاط التي أثارتها الرسالة:
- تخفيضات كبيرة في تمويل الأبحاث العلمية الأساسية.
- عمليات تسريح جماعية تطال آلاف الباحثين.
- تقييد الوصول إلى البيانات العلمية.
- محاولات للتأثير على نتائج الأبحاث لأسباب أيديولوجية.
وقد استشهد الموقعون بحالات محددة مثل الضغوط التي تعرضت لها أبحاث تغير المناخ وبرامج تطوير اللقاحات، بالإضافة إلى التحقيقات التي تجريها الإدارة في أكثر من 50 جامعة أمريكية.
من جهتها، دافعت إدارة ترامب عن سياستها عبر متحدث البيت الأبيض الذي أكد أن الإدارة تعمل على "إعادة تنظيم الإنفاق البحثي بما يتناسب مع أولويات الشعب الأمريكي"، معتبراً أن هذه الإجراءات لن تؤثر على الريادة الأمريكية في مجال الابتكار.
لكن الرسالة كشفت عن تأثيرات ملموسة بالفعل، حيث اضطرت جامعة كولومبيا لتغيير سياساتها تحت تهديد خسارة تمويل بقيمة 400 مليون دولار. كما أشارت إلى أن العديد من المؤسسات البحثية بدأت تتخذ إجراءات تقشفية مثل وقف برامج الأبحاث وتسريح الموظفين.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التحذير من هجرة العقول العلمية، حيث كشف استطلاع لمجلة "نيتشر" أن 75% من العلماء المستطلعة آراؤهم يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة، فيما حذرت الرسالة من إمكانية فقدان جيل كامل من الباحثين.
يذكر أن الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب التي ينتمي إليها الموقعون هي هيئات استشارية أنشأها الكونجرس الأمريكي في عهد الرئيس لينكولن، مما يعطي تحذيرها وزناً خاصاً في الأوساط السياسية والعلمية.
ختاماً، عبر العلماء عن قلقهم العميق إزاء ما وصفوه بـ"مناخ الخوف" الذي يخيم على المجتمع العلمي، محذرين من أن "المشروع العلمي الأمريكي يتعرض للتدمير" إذا استمرت هذه السياسات. ويبقى السؤال المطروح الآن هو كيف ستستجيب الإدارة لهذا التحذير غير المسبوق من نخبة العلماء في البلاد.
إرسال تعليق